- اسم الكتاب: الآداب السلطانية
- المؤلف: الدكتور عز الدين العلام
- الناشر: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب- الكويت
- تاريخ النشر: الطبعة الأولى- فبراير 2006م- سلسلة "عالم المعرفة"- العدد رقم (324)
- عدد الصفحات: 280 صفحة من القطع المتوسط
في ظل الهجمة الشاملة التي يتعرض لها الإسلام في الوقت الراهن دينًا وأتباعًا وحضارةً وفي ظل حملة التضليل الإعلامي والفكري الراهنة التي تقودها القوى الصليبية والصهيونية للتشكيك في الفكر الإسلامي ومنطلقاته، فقد بات على كل من يدين صاحبه برسالة هذا الدين الحضاري العظيم أن يحاول التصدي لجانب من جوانب هذه الحملة.
وفي هذا الإطار يجيء الكتاب الذي بين أيدينا الآن الذي يهتم في سياقاته العامة بعددٍ من القضايا المهمة المثارة في الآونةِ الأخيرة حول الإسلام والمرتبطة في إطارها العام بخيط واحد وهو الإسلام والسياسة أو هذا الدين وموقفه من السياسة فكرًا وممارسةً.
وقد كان الإسلام دائمًا عبر التاريخ يواجه العديد من الحملات التي تحاول أن تطعن في شرعية الممارسة السياسية الإسلامية عبر الادعاء بعدم وجود تراث سياسي لدى المسلمين نتيجة لغياب فقه الممارسة السياسية وقواعد الفكر والعمل السياسيين في الدين الإسلامي، وقد استمرت هذه الحملة طيلة القرون الماضية لا سيما بعد الاستعمار الأوروبي الغربي المباشر لمناطق العالم العربي والإسلامي ومحاولة الغرب المسيحي- اليهودي في قرون الانحطاط العربي والإسلامي الأخيرة منع العرب والمسلمين من العودة إلى صحيح الدين الإسلامي وأصوله النقية لبدء نهضة حضارية شاملة تكون بوابة لإعادة توحيد الأمة الإسلامية مجددًا.
وعلى ذلك فإنَّ الكتابَ الذي بين أيدينا الآن يحاول أن يعالج عددًا من المسائل المتعلقة أولاً بالفكر السياسي العربي والإسلامي وطبيعته وثانيًا بالتطورات العميقة التي مرَّ بها النظام السياسي الإسلامي عبر تاريخه منذ عهد الخلافة وحتى عهد الملك وظهور الاستبداد السياسي في أركان الدولة العربية والإسلامية مما أفضى إلى حالة التراجع الحضاري الشامل التي صارت الأمة عليها منذ عدة قرون.
وتأتي أهمية هذا الموضوع من كونه يفتح المجال واسعًا أمام مناقشة جديدة في زاوية تناولها لقضية الديكتاتورية والشمولية أو الاستبداد في عمليةِ السياسة والحكم في العالم العربي والإسلامي والتي تعتبر الآن هي حديث الساعة في البلدان العربية والإسلامية في ظل تفاعل خطاب الإصلاح والتغيير لتجاوز حالة التراجع الحضاري هذا المشار إليها.
والكتاب يأتي كمحاولةٍ جديدةٍ من جانبِ كاتبه لعرض قراءة مغايرة للتاريخ السياسي الإسلامي وتراث الممارسة السياسية والحكم في الدولة الإسلامية القديمة والعوامل التي وقفت خلف تراجعها الحضاري وتفككها على النحو الذي نراه الآن، وذلك في ستة فصول شملت العديد من الأفكار والقضايا والحوادث التاريخية.
ومؤلف الكتاب هو الأكاديمي المغربي الدكتور عز الدين العلام، الذي يعمل حاليًا أستاذًا للعلوم السياسية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمدينة المحمدية المغربية بجامعة الحسن الثاني، وله العديد من الإسهامات الفكرية والأكاديمية في مجالات مختلفة للعلوم السياسية ومن بينها الفكر السياسي الإسلامي ومحاولات تأصيله بشكل كافٍ وهو موضوع لم يلق اهتمامًا من جانب الكثير من الأكاديميين العرب في الفترة السابقة وله كتب قيمة في هذا المجال ومن بينها "السلطة والسياسة في الأدب السلطاني"، وكذلك مشاركته في كتاب "أبحاث في تاريخ الفكر السياسي المغربي".
مفهوم الآداب السلطانية
يقصد بمصطلح "الآداب السلطانية" نوع من أنواع الفكر السياسي العربي والإسلامي وكتاباته هي نوع من الكتابات السياسية بدأت مع ما أطلق عليه البعض فترة "انقلاب الخلافة إلى الملك" في مرحلة متوسطة من التاريخ الإسلامي وما صاحب ذلك من ظواهر سياسية عديدة مستجدة على المجتمع السياسي المسلم والعربي في ذلك الوقت مثل "الاستبداد".
وفي سياق التعريف بهذه النوعية من الآداب فإنَّ المؤلف يقول إنها كانت في الأغلب الأعم عبارة عن مجموعة من "النصائح" التي كانت تقدم إلى الحاكم- الملك حتى ولو نال لقب "خليفة"- من جانب بعض رجال الفكر والمشورة الذين كانوا في كثير من الأوقات يكون هدفهم الأساسي هو الربط "المطلق" بين كل ما هو شرعي وما هو متعلق بالسلطة والسلطان وكان الظهور الرئيسي لهذا الاتجاه من التفكير السياسي في الفترة التي عاصرت الخلافة العباسية الأولى، وكان الأب الروحي لها في المشرق العربي هو عبد الرحمن بن المقفع، الذي عاش في القرن الثاني الهجري، أما المغرب العربي فقد كان الفقيه والمحدث محمد مراد بن علي المرادي الحسيني الحنفي- وهو أصلاً من بخارى وهاجر إلى المغرب- الذي عاش في القرن الخامس الهجري هو أول من طبَّق هذا النمط أو هذه النوعية من الكتابات.
وتتميز الكتابات والأقوال في هذا المجال بعدد من السمات في إطار محاولاتها لعرض "نصائحها" على الحاكم ومن بينها:
وتتميز الكتابات والأقوال في هذا المجال بعدد من السمات في إطار محاولاتها لعرض "نصائحها" على الحاكم ومن بينها:
1- تقوية السلطة وإطالة أمد الحكم أو "الملك" الحالي من خلال نوع من أنواع السياسية "البراجماتية" أو العملية بما يجعلها تتمايز عن الفكر السياسي الإسلامي المثالي أو السياسة الشرعية.
2- اعتمدت أفكار وأطروحات "الآداب السلطانية" على ثلاثة من المنظومات الفكرية والتجارب السياسية وهي: أولاً التراث الفارسي- الساساني وكذلك منظومة الحكم اليوناني إضافةً إلى التراثِ السياسي العربي- الإسلامي.
وفي السياق العام فإنَّ هذا النمط من الفكر والكتابات السياسية قد ظهر حوله مجموعة من المناقشات التي وصلت إلى حد الانتقادات بعد أن وجد الكثير من رجال الفكر السياسي وعلماء الاجتماع المسلمين ومن بينهم ابن خلدون أنَّ هذا الأسلوب في التفكير والممارسة السياسية يخالف الكثير من الأصول النقية للشريعة الإسلامية كما أنه اعتبر افتئاتًا على فكرة الخلافة ذاتها باعتبار أنَّ الاستبداد بالحكم يخالف تمامًا فكرة "الخلافة الإسلامية" القائمة على الشورى وتداول السلطة.
وفي سياق تناول المؤلف لمورفولوجية أو ثوابت ومحددات كتابات وأفكار "الآداب السلطانية" حدد مجموعة من "الأسر" التي حكمت والتي ارتبطت أكثر من غيرها بهذه النوعية من الممارسة السياسية مثل الدولة الأموية في المشرق العربي ودولة المرابطين في المغرب العربي وبعض فترات التاريخ الأندلسي الأخرى هناك.
وقد تباينت وتشعبت اهتمامات هذه النوعية من الكتابات والأفكار وإن كان أبرز ما ركزت عليه القضايا والموضوعات الآتية:
1- الوزارة والحكومة.
2- الجند والحرب بين الاستعداد والممارسة الفعلية.
3- الكتابة الفكرية والسياسية والمناحي التطبيقية للعمل السياسي.
4- صحبة السلاطين والملوك أو الحكام بصورة عامة.
5- قضايا الملك أو الحكم بوجه عام أو ما اصطلح على تسميته باسم "التدابير السلطانية".
أما على مستوى الشكل فإنَّ "الآداب السلطانية" أخذت العديد من الأشكال من بينها:
1- العهود والرسائل.
2- كتب نصائح الملوك والمنتخبات.
وكانت هناك مجموعة من "البروتوكولات" التي حرصت الشخصيات التي درجت على التأليف في هذا المجال على إتباعها في صدد تأليف نص يُمكن أن يندرج تحت بند "الآداب السلطانية" وهذه البروتوكولات تظهر في كل محتويات النص سواء العنوان أو المقدمة والإهداء وكذلك المتن العام للكتاب أو الرسالة المكتوبة.
وكان مؤلفو هذه الكتب والرسائل أو أوراق النصائح الموجزة للملوك والسلاطين في كثير من فترات التاريخ العربي والإسلامي يركزون فيما يكتبون على السماتِ المفترض أن يتحلى السلطان أو الحاكم بها مثل الحلم والصبر والقوة والجلد، كما أنهم كثيرًا ما كانوا يضفون من خلال المادة المكتوبة أهمية كبيرة على كتاباتهم ويشيرون إليها باعتبار أنه لا غنى للحاكم عنها.
وفي ذاتِ الإطار كان هؤلاء المفكرون أو الكتاب كثيرًا ما يحرصون على اختيار عناوين مؤثرة وجذابة لكتبهم تلفت نظر الحاكم مثل "الشهب اللامعة في السياسة النافعة" لابن رضوان وكذلك "المنهج المسلوك في سياسة الملوك" للشيزري وكتاب "الذهب المسبوك في وعظ الملوك" للقاضي الحميدي وهو مفكر سياسي إسلامي عاش في القرن الخامس الهجري وكتابه هذا من أهم ما كتب في مجال "الآداب السلطانية".
وكانت مثل هذه الكتب أو الرسائل توضع إما بناء على مبادرةِ من المؤلف أو تتم كتابتها بناءً على طلبٍ من السلطانِ أو الحاكم الموجود ويلاحظ أنَّ مثل هذه الكتابات كانت تتشابه كثيرًا مع بعضها البعض سواء في الهدف أو في المحتوى؛ ولذلك يقول المؤلف: إنه ليس هناك تمايز كبير بين مؤلفيها بل يمكن اعتبارهم مجموعة واحدة مهما كان الفارق الزمني بين كل واحد منهم والآخر، ولكن وفي حالاتٍ قليلة في التاريخ العربي والإسلامي نجد فيها أنَّ الحاكم بنفسه قد قام بوضع كتاب في نصائح الملوك والسلاطين وأهداه إلى خليفته المنتظر أو ولي عهده والنموذج الأهم هنا هو كتاب "واسطة السلوك في سياسة الملوك" لأحد ملوك تلمسان- في الجزائر حاليًا- ويدعى أبو حمو موسى الزياني.
قضايا سياسية وفكرية
بعيدًا عن قضيةِ الحكم وصيرورة السلطان اهتمت الآداب السلطانية بعدد من القضايا التي احتلت إما جانبًا أساسيًّا من تفكير مؤلفي هذا النمط من الكتابات وإما جانبًا فرعيًّا من اهتماماتهم.
وكان على رأس هذه الاهتمامات:
- أولاً: الكتابات التاريخية: أو "التأريخيات" على اعتبار أن "دروس الماضي تفيد في امتحان السلطة الحاضر" ومن أهم من كتب في هذا المجال ابن قتيبة والدينوري.
- ثانيًا: الأخلاق: وتأتي أهمية "الأخلاقيات" وذكرها في كتاباته هؤلاء من أن الغرض الرئيس من تلك الكتابات هو توضيح مجموعة من الأخلاقيات التي يجب على السلطان أو الملك أو الحاكم أيًا كان مسماه أن يتحلى بها وكذلك مجموعة من القواعد السلوكية التي ينبغي أن يسير عليها حتى يستطيع النجاح في الحياة السياسية، وكان من أهم من كتبوا في هذه المسألة ابن أبي الربيع والماوردي.
- ثالثًا: الشرعيات: وهي مسألة تختلف تمامًا عن "السياسة الشرعية" التقليدية المعروفة فمسألة "شرعنة" سياسات الحاكم والأخذ من الشريعة "ما هو مفيد" للسلطان يختلف تمامًا عن مسألة الشرع وموقفه وضوابطه للعمل السياسي سواء على مستوى الراعي أو الرعية.
- رابعًا: علم العمران: أو بلغة أكثر معاصرة علم الاجتماع الإنساني والسياسي والذي يعتبر عبد الرحمن بن خلدون الأب الشرعي المؤسس له في التاريخ العربي والإسلامي وكذلك في التاريخ الإنساني والحضاري العام، وقد أدرج الدكتور العلام- مؤلف هذا الكتاب- ابن خلدون في زمرة مجموعة من كتبوا في مجال الآداب السلطانية رغم أن ابن خلدون نفسه عندما بدأ في وضع كتابه الشهير "المقدمة" عن علم العمران البشري والاجتماع الإنساني والسياسي أكد أنه سوف ينحو منحى مخالفًا تمامًا لاتجاه "الآداب السلطانية" إلا أنَّ استخدام المنظر السياسي الإسلامي المعروف باسم ابن الأزرق لكتابات ابن خلدون السياسية والاجتماعية أدخلت ابن خلدون رغمًا عنه في هذه المجموعة.
وقد لوحظ أن أغلبية الكتابات التي يمكن تصنيفها تحت بند "الآداب السلطانية" استخدمت ذات المصطلحات والكلمات فيما أطلق عليه البعض مصطلح "التناص" وأطلق عليه بعض المؤرخين من جهة أخرى لقب "السرقة".
ومن بين القضايا الفكرية والثقافية ذات الطابع السياسي التي تُثيرها "الآداب السلطانية" هي قضية علاقة "الكاتب"- أو "المثقف" بلغة أكثر معاصرة- بـ"السياسي" سواء أكان المقصود بمصطلح "السياسي" هذا الشأن السياسي ذاته أو مَن يتعاطونه وكذلك علاقة "السياسي"- والمقصود هنا هذه المرة وتحديدًا مَن يُمارسون السياسة بقضية "الكتابة" مع الدور المهم الذي تلعبه الكتابة في صدد توجيه الرأي العام وصناعة الفكر المجتمعي.
ومن هنا نشأ صراع فكري و"عملاني"- أي ذو طابع عملي- بين "الفقيه" و"الكاتب والسياسي" داخل فكر وذهنية عالم كبير مثل الماوردي وكذلك نشأت خلافات بين أشياع الاتجاه السلطاني والفقهاء وعلماء الدين الذين لم ينجروا لمستنقع السياسة السلطانية حول ما إذا كانت الدولة والمُلْك والسلطان والحكم وسائل لتحقيق وتكريس وجود شرع الله سبحانه وتعالى في الأرض أم أنَّ الشرعَ هو وسيلة استتباب الحكم للملوك والسلاطين.
مفاهيم سياسية "سلطانية".. أم هي "استبدادية"؟
في قسمٍ خاص من كتابه يتناول المؤلف مجموعة من الإشكاليات السياسية سواء ذات الطابع الاصطلاحي أو الطابع "المهني" المتعلق بالعمل السياسي بالأساس وأول هذه المصطلحات هي مصطلح "السلطان" و"المجلس السلطاني".
وفي حالة دراسة التاريخ العربي والإسلامي الوسيط والمتأخر فإنَّ المتابعَ المدقق يُلاحظ أن غلبة الطابع "الإفرنجي" على الحياة العامة في المجتمعات العربية والإسلامية ومن ثم الحياة السياسية على مستوى قمة الحكم في العالم العربي والإسلامي.
ومع دخول الإسلام إلى مناطق بعيدة لها عاداتها وتقاليدها السياسية والاجتماعية- ومن بينها ما يخص مسألة الحكم- وكان أيضًا أن تسربت القيم والمفاهيم الغربية إلى المجتمع العربي المسلم، وكان من أهم هذه القيم التي تسربت قيم "الاستبداد السياسي" وسيطرة حاشية الحاكم عليه وعلى بلاط الحكم؛ حيث يمكن أن تعود البذور الأولى للاستبداد السياسي في بلدان العالم العربي والإسلامي حاليًا حيث يمكن بهذا الرد على الادعاءات التي يرددها عدد من المستشرقين حول الحالة السياسية العامة في بلدان الأمة العربية والإسلامية ومن أن الإسلام كديانة حاكمة وتعاليمه هي السبب في ظاهرة الاستبداد السياسي التي تعيشها الأمة.
وفي ختام هذا التناول لكتاب مهم يعتبر إضافةً إلى المكتبة العربية، نضيف على ما قاله الكاتب فيه حول ظاهرة الاستبداد السياسي أن تغيير هذه الوضعية لن يتأتى سوى عبر تفعيل صحيح الدين في حياة العرب والمسلمين وتطوير آلية تغيير سياسي إصلاحية تطبق قواعد الشريعة الإسلامية في الحكم بعد أن تنجح في إحداث هذا التغيير عن طريق واحد هو طريق الجماهير التي ترفع شعار "الإسلام هو الحل".
السبت أكتوبر 20, 2012 8:23 am من طرف premavera
» مذكرات بنوتة عايزة تتجوز
الخميس مايو 17, 2012 1:40 am من طرف youka
» جزاء العفة
الأربعاء فبراير 08, 2012 5:07 am من طرف abed10
» b monasbet el derasa [taleb 3elm]By Samm
الخميس سبتمبر 30, 2010 7:07 am من طرف ThieeF
» رحلة الى اعماق الشمس
السبت أغسطس 14, 2010 11:56 pm من طرف بسنت محمود
» سر كلمة امباااااااااع اللى بنقولهاالخروف
السبت يوليو 31, 2010 11:42 pm من طرف malak el roh
» اياك وان تفتح هذا اللينك
السبت يوليو 31, 2010 2:53 pm من طرف ThieeF
» لقاء صحفى مع .... سيجـــــ.؛؛.,ـــــارة...
الجمعة يوليو 30, 2010 7:21 am من طرف malak el roh
» لغز حادث روزويل
الجمعة يوليو 30, 2010 7:20 am من طرف malak el roh